الثلاثاء، شباط ٢٢، ٢٠٠٥

افتح قلبك

يجد بعض الناس صعوبة في تقبل الكثير من عادات الآخرين، وتزداد هذه الصفة
عند نوعية من البشر لم يسعفها حظها بالاختلاط بثقافات أخرى، أو أنها بقيت
رهينة أفكارها المسبقة بعد أن احتكت بحرص شديد مع الآخرين
المفارقة في الأمر، أن كل شعب مهما بلغ في عاداته من الغرابة بالنسبة للبعض،
له هو نظراته الغريبة نحو الآخرين، أذكر هنا قبيلة أفريقية، من أشهى أطعمتها
على الإطلاق الذبائح المطبوخة بدمها، ويتركون بعض الدم دون طهو كمشروب،
ويصنعون من العلق حلويات للأطفال... بعد كل هذا، صدقوا، يقرفون من أكل
الفاكهة
تحدثت منذ فترة مع زميلة في العمل قامت بزيارة إلى الشرق الأوسط، ولم تبخل
علي بكميات شديدة من تعابير القرف عن قذارة شوارع مصر وروائحها.
بالطبع، كلامها لم يعطني فكرة عن مصر التي أتوق لزيارتها، ولو كان ذلك آخر
يوم في عمري، بل أعطاني فكرة عن محدثتي.
منذ حوالي سنتين، جاء إلى ريو دي جانيرو، وبقصد العمل، صديق لأصدقاء لي
في دمشق، وكانوا قد اتصلوا بي عن طريق الإيميل ورجَوني أن أساعده، وبالطبع
وعدتهم خيراً، رغم أني أقيم في ساو باولو التي تبعد عن الريو ما لا يقل عن
خمس ساعات بالسيارة.المهم، وبعد إخفاق عدة اتصالات بيننا، ولأسباب كثيرة،
وفقت إلى الحديث مع ذلك الشخص، وليت أني لم أفعل، كان في غاية الإحباط
والضيق، قال لي: كرهت هذا البلد، لم أشعر بذرة جمال فيه، الكل يلاحقني،
يريدون قتلي. حاولت دون جدوى أن أخفف من روعه، قلت له: هي مجرد فترة
بسيطة تتأقلم بعدها مع البرازيل، وستحبها كما أحببتها أنا.. طبعاً لم يلق كلامي
آذاناً صاغية، رغم محاولاتي العديدة. وعندما سألته عن رأيه بصبايا الريو،
فأجابني: أشكال البرازيليات لا تعجبني ، أيقنت حينها أن لا جدوى فعلاً من حديثي
معه. قلت له: احمل حالك ع السريع وعد إلى بلدك، فأنت لن تطيق الحياة هنا
من يقول أن للبرازيليات أشكال (أي أنماط محددة)، وبعدها لا تعجبه!!! فهو حتماً
ليس بكامل قواه العقلية والجسدية
تعلمت من أسفاري العديدة أن أتقبل كل عادات وطباع البشر، فما تراه غريباً عند
شعب هو عادي لديه، ولربما هو يرى قمة الغرابة في أشد ممارساتك وعاداتك طبيعية
في رأيك
من أغنى التجارب التي عشتها على الإطلاق، هي بضعة أشهر قضيتها في اليابان -
أوكيناوا ضمن دورة تأهيلية كان فيها مشاركون من جميع أنحاء العالم الثالث، أفارقة
وعرب وآسيويون، ومن أمريكا اللاتينية وأوروبا الشرقية، عدا عن تواجد العديد
من اليابانيين والأمريكان
كان من الممتع أن ترى هذا التنوع في طرق حديثهم، وعاداتهم، وكيف أن الجميع بعد
وقت قصير تحولوا إلى عائلة واحدة. كل أتى بثقافة تختلف تماماً عن الآخر، فتاة من
غواتيمالا سألتني إن كان العرب بالفعل يشترون المرأة بجمل، شاب من المغرب علق
لي عن أحد الأشخاص أنه كل يوم ينام مع واحدة من أمريكا اللاتينية، لأنه رآه يصافح
تلك الفتاة أو تلك بتقبيل خدها وحضنها
.أنا نفسي، عندما رأيت اليابانيين يأكلون السمك النيء، ذهلت.. وشعرت بشيء من الخوف
قبل أن أضع في فمي اللقمة الأولى.. اليوم، الطعام الياباني من أفضل خياراتي لغداء لذيذ.
لعل أقوى الأمثلة على هذه الاختلافات التي ينغلق البشر دونها، ويعمدون في ضوئها إلى
صوغ مختلف عبارات الاستنكار والتحقير، هي آراء أتباع كل دين حول الدين الآخر
أذكر أننا كنا صغاراً، وكان مثال كتاب التربية الدينية عن عبدة الأصنام أقرب إلى الهزلي،
وضحكنا جميعاً على ذلك الذي كان يعبد إلهاً من تمر، فلما جاع أكله، وامتلأنا إعجاباً
بذلك الصحابي الذي ركل الصنم فأوقعه وأخذ يحاجج عباده: أفتعبدون آلهة لا تضر ولا تنفع؟
بعد ذلك، في مراهقتي، سمعت عن المرشديين الذين تتحدث العامة أنهم يعبدون
سليمان المرشد، وهو شخص عاش في أواسط القرن المنصرم، وبالطبع فإن عقلي الصغير
لم يستطع أن يستوعب كيف أنه يمكن لأناس أن يعبدوا شخصاً كهذا، لا شك أنهم متخلفون
عقلياً.. الصدمة التي زعزعت غبائي هي أن هؤلاء المرشديون ما هم إلا بشر مثلنا، فمنهم
الطبيب والمهندس والفنان والمنغلق والمستنير، ومنهم الذي لا يسوى فرنكاً صدئاً، ومنهم
الذي صرمايته بألف مما يعدون
بالطبع، الآن، وبعد لأي، أدركت أن موضوع الإيمان هو موضوع لا يأتي من العقل، وأن
فكرة وجود إله غيبي لا تقل ولا تزيد بلاهة عن فكرة إله من التمر أو من الحجر أو من البقر،
ولا تختلف كثيراً عن فكرة تأليه شخص ما من الزمن الغابر أو من الحارة الغربية،
حارتي في صافيتا

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

Salut Ali,

Je suis tombé sur ton blog par hazard. c'est sympa tout ce que tu ecris sur le net. Je suis tout à fait d'accord avec toi il faut ouvrir son coeur. Il faut etre vraiment mur pour accepter l'autre ... tel quel ..la ou tu va dans le monde on la première question qu'on te pose souvent pour te juger: t'es quoi?...

Bon courage

E.M France