الأحد، شباط ١٨، ٢٠٠٧

جيتي الشعر

لما ما ضل بهالدني شي صدّقو
أو إعشقو، حتى كذب
جيتي
نبض شريان ناسيه القلب
جيتي عشب
نبّت ع صخر الموت
ع الأحزان
جيتي عقد رمّان
وتفرفط.. قمر
ع دفتري المحروق حرفو بْلا وتر
جيتي العمر
جيتي الشعر
جيتي الإله الناطرو صرلي دهر

الاثنين، شباط ٠٥، ٢٠٠٧

حاشى المهد

لإن سَعَتْ في دروب القلبِ أوطانُ .... كلُّ الأماكنِ حاشى المهدَ سيّانُ قد طُفْتُ نصفَ الدّنى لمّا أجدْ وطناً ........ فيه ينامُ قريرَ العينِ إنسانُ

الخميس، شباط ٠١، ٢٠٠٧

الحداثة في معلقة طرفة

ما يذهل حقاً في شعر طرفة بن العبد هو أن الصور لديه، تلك التي يغلفها قالب رفيع الصنعة
من الجزالة والبلاغة لا يضاهى، هذه الصور لا تقف عند معناها المباشر، ولا تقف حتى عند
التشبيه الشكلي اللاحق الذي تقدمه، ولا التشبيه التالي، بل أنها تتجاوز ذلك لتفتح آفاقاً من
الصور والمقاربات المذهلة، ولتحمل أبعاداً أخرى تتجاوز بكثيرأبعاد الفراغ المنظور.
أول الأمثلة على هذا يأتينا مباشرة مع مطلع معلقته الشهيرة: لخولة أطلالٌ ببرقة ثهمد ....... تلوح كباقي الوشم في ظاهر اليد ألا نستطيع الإدعاء أن هذا التشبيه يتجاوز المقاربة الشكلية بين شكل الأطلال، وشكل بقايا
الوشم إلى الوصولإلى مقاربة علاقة الأطلال بنفس تاركها مع علاقة الوشم باليد ودلالاته؟ وسريعاً سريعاً، يأتينا المثال الثاني في البيت الخامس من المعلقة: يشق حباب الماء حيزومها بها .... كما قسّم التربَ المفايلُ باليد بداية، هو تجاوز هنا مسبقاً التشبيه الأول الذي كان قد اعتمده في البيت الذي سبق هذا
البيت، ففي الحقيقة لا ثمة ماء ولا سفن، هو يتحدث عن مواكب الإبل التي حملت حبيبته
يوم الفراق، ومع ذلك فإنه لا يقف عند هذا الحد، بل يعمد إلى تشبيه عظيم الدلالة، فيشبه
شق السفن/الإبل لعباب الماء/الصحراء، يشبه هذا بحركة لاعب الفيال، وهي لعبة يقوم
خلالها اللاعب بجمع التراب فيدفن فيه شيء، ثم يقسم التراب نصفين ، ويسأل عن الدفين
في أيهما هو.. أليس هذا إدلالاً منه على حيرة نفسه حول غموض مصير هذا الموكب الراحل؟؟ ونلهث في دهشاتنا المتلاحقة لنقف في ذهول أمام البيت الثاني عشر، والذي - مبدئياً -
يصف فيه ناقته:
أمونٍ كألواح الإرانِ نصأتُها .... على لاحبٍ كأنه ظهر برجد يا ويح قلبي، ما هذا؟ أمونٍ كألواح الإران!!!!!!!!! أمينة كالتابوت!!!! وهل ثمة أمان أعظم من هذا؟؟؟ نصأتها على لاحب كأنه ظهر برجد!!!! أستعجلها بالضرب والتقريع، في طريق جميل واضح كأنه كساء مخطط في عرضه أهو يتحدث عن الناقة حقاً؟ أم عن حياة نلهث بها ونعلم أن لا ثمة ما يجلب أمانها
وراحتها سوى الموت!!!
الآن أريد أن أضع ادعاءً يقول أن المبدع في تعامله مع الأشياء التي تحيط به هو
أميل الناس إلى الوعيالطفولي المبكّر، ذلك الذي لا يفصل بين الأنا والآخر، فرسم
الجوكندا الذي يختزن ملامح وروح ليوناردو دافنشي نفسه مثال صارخ عن هذا
الاختلاط الإبداعي الفطريّ. أدّعي هنا أن المبدع لا يتقصد هذا النوع من الإسقاط،
بل أن هذا الإسقاط يتسلل بشكل تلقائي ليظهر في رسومه وكتاباته. أحسست بهذا الشعور، وأنا أتابع وصف طرفة للناقة، فعندما يمتدحها إنما يمتدح
من خلالها خصالاً في نفسه، وعندما يختار تشابيهه فإنها تأتي لتعكس ما في داخله
من مخاوف وصفات وقناعات!! أفلن يؤدي ذلك بشكل تلقائي إلى حضور الرمز؟؟ يقول: تَرِيْعُ إِلَى صَوْتِ المُهِيْبِ وتَتَّقِـي بِذِي خُصَلٍ رَوْعَاتِ أَكْلَف مُلْبِدِ فهي تستجيب لصوتِ من يرعاها، وتتغاضى بازدراء عن أصوات الحثالة القذرين..
أفهل تمتلك الناقة حقاً هذه النفس الكبيرة؟ أم أن من جعلها تتحلّى بها هو الشاعر
الذي وضع ذاته النبيلة في كل دقيقة من دقائق وصفها، حتى بات هذا الوصف وصفاً
داخلياً تجريدياً منسلخاً عن موضوعه الأساسي. يقول طرفة: كَأَنَّ كِنَـاسَيْ ضَالَةٍ يَكْنِفَانِهَـا وأَطْرَ قِسِيٍّ تَحْتَ صَلْبٍ مُؤَيَّـدِ لَهَـا مِرْفَقَـانِ أَفْتَلانِ كَأَنَّمَـا تَمُـرُّ بِسَلْمَـي دَالِجٍ مُتَشَـدِّدِ كَقَنْطَـرةِ الرُّوْمِـيِّ أَقْسَمَ رَبُّهَـا لَتُكْتَنِفَـنْ حَتَى تُشَـادَ بِقَرْمَـدِ شرح هذه الأبيات الصعبة المفردات تجدونه هنا، ولكنه باختصار هنا يلجأ إلى
تشبيهات الوحشية والقسوة لحماية هذه الناقة/الحياة/الشاعر، وإلى التصميم على
البناء المحكم، هذا البناء الذي يأخذه من ذاته العنيدة والصلبة.